CHAIRMAN: DR. KHALID BIN THANI AL THANI
EDITOR-IN-CHIEF: DR. KHALID MUBARAK AL-SHAFI

Views /Editor-in-Chief

التقطير في جامعة قطر إلى أين؟

Dr. Khalid Al-Shafi

01 Feb 2024

بقلم:د. خالد آل شافي

التقطير أو توطين الوظائف رؤية إستراتيجية تبنتها الدولة للاعتماد على المواطن لشغل الوظائف الحكومية وتلك التي يوفرها القطاع الخاص، وقد بدأت برؤية واقعية في تطبيق هذه المبادرة، إذ وضعت سياسة واضحة تبدأ بالتأهيل والإعداد ومن ثم التدرج في التطبيق من الأعلى الى الأسفل، أي من الوظائف العليا والرئيسية والمواقع الحساسة في القطاع الحكومي وشبه الحكومي، وصولا إلى الوظائف المهنية الإدارية العامة
ومن ذلك المنطلق فإن هنالك حاجة ماسة للتقطير، خاصة وأن مؤسسات التعليم العالي تخرج سنويا الآلاف من الشباب القطريين الذين يحملون مؤهلات تحتاج لها البلاد، ومتى توفرت وظائف تناسب مؤهلاتهم يشغلها موظفون من جنسيات أخرى يتوجب إحلالهم فيها، وهذا ما تحرص الدولة على فعله بشكل جاد منذ عدة سنوات، بالتدرج وبدون استعجال، إلى أن أقر مؤخرا مجلس الوزراء قانون التقطير في القطاع الخاص
ولتحقيق هذا الهدف أنشأت العديد من المؤسسات الحكومية شراكات مع قطاع التعليم والمؤسسات المحلية لضمان فعَّالية جهود التقطير، وصممت بعض الجهات المختصة برامج لتطوير كفاءة المواطنين وتدريبهم لشغل تلك الوظائف
وقد زادت هذه الجهود من الفرص الوظيفية المتاحة أمام الكوادر الوطنية من الجنسين، وشجعت خريجي الجامعات والكليات والمعاهد على دخول سوق العمل، بما يعزز الاقتصاد الوطني، كما جعلت سوق العمل يتسم بالشفافية من خلال رصد فرص العمل المتوفرة في كافة القطاعات، وتحديد الحاجات لتقوم المؤسسات التعليمية بالتناغم معها
تزخر بلادنا بشباب مبدع وطموح وموهوب يحتاج للرعاية والاهتمام، ويمكننا الاستفادة من خبراتهم أكثر مما نتوقع إذا قدمنا لهم ما يحتاجون له من إعداد جيد وتأهيل يستجيب لتطلعاتهم المهنية والقيادية
والدولة تسخر كل امكانياتها لإعداد الكادر الوطني في كافة المجالات، حيث تقدم المنح الدراسية في الداخل والخارج، وتدرب أبناءها في أفضل المؤسسات المتخصصة، وكل هذا لضمان نجاح الشباب القطري في شغل الوظائف التخصصية المختلفة
ولعل هذه المسؤولية تقع أكثر على المؤسسات الحكومية، ومنها المؤسسات التعليمية والجامعات تحديدا، فأين محل جامعة قطر من هذه السياسة؟ وهل يمكننا الدفع بأنها تسير على المسار الصحيح بهذا الخصوص؟ ما يتوجب الإشارة إليه هو أن التقطير يجب ألا يكون شعارا فقط ولا لمجرد استيفاء خانات إحصائية ضمن قياس مؤشرات الأداء. فرفع التقارير وتقديم الأرقام والنسب المئوية لإظهار الحرص أمام المسؤولين، ليس الغاية القصوى التي تبتغيها الدولة من هذه السياسة
إن الغرض النهائي من هذه المبادرات هو ألا يبقى مواطن واحد عاطلا عن العمل، ولكن هذا لا يعني أن يتم ذلك باتخاذ قرارات متعجلة أو بخلق وظائف لا تحتاج لها المؤسسات أو بتعيين مواطن غير مؤهل في وظيفة لم نعده لها بالتدريب والتأهيل والرعاية المسبقة، لنعود بعد فترة ونرفع تقارير تؤكد عدم قدرته على أداء المهام الموكلة اليه
ففي هذه الحالة لم يكن التوظيف من أجل خدمة الوطن والمواطن، بل من اجل أهداف أخرى، لذا لابد من تحقيق العدالة الوظيفية، وتصحيح البيئات الداخلية للعمل والتدقيق في الكفاءات وتقييم الأداء، لضمان الأمان الوظيفي للمواطن الذي أثبت كفاءته في كافة القطاعات الحكومية وغير الحكومية

فالتخطيط المؤسسي والتنسيق المسبق مع قطاعات التعليم والجهات المعنية بالتأهيل والتدريب في غاية الأهمية، خاصة وأن الدولة لم تكن في عجلة من أمرها، بل تعمل وفق خطة استراتيجية بعيدة المدى وبنفس طويل، لجعل المواطن يضطلع فيها بدور أساسي ومحوري في تنفيذها
من جهة أخرى، يتطلب تطوير القيادة الأكاديمية وضع معايير دقيقة وواضحة لتولي هذه المناصب. ويجب أن تشمل هذه المعايير الخبرة والتميز الأكاديمي، بما يضمن اختيار الأفراد الأكثر كفاءة وقدرة على الابتكار والتطوير
ففهم دور الجامعة وإمكانياتها يعتبر عنصرا أساسيا في التخطيط لتطويرها، ومن الضروري تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الجامعة، خصوصًا إذا كانت هناك فكرة شائعة ومقولة ترددت مؤخرا على مسامع أغلبية الكادر الأكاديمي بأن جامعة قطر فقيرة. فالواقع والحقيقة يشيران الى غير ذلك، إذ تحظى جامعة قطر برعاية كريمة واهتمام شديد من قيادتنا الرشيدة، ممثلة في مجلس الأمناء الموقر، الذي لا يدخر جهدا في سبيل تقديم الدعم بجميع اشكاله. كما أن جامعة قطر مثلها مثل العديد من المؤسسات التعليمية الرائدة حول العالم، تمتلك موارد وقدرات كبيرة يمكن أن تُستغل لتحقيق تطورات كبيرة في مجالات عدة
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، تمتلك الجامعة إمكانات تعاونية كبيرة مع القطاعات المختلفة في الداخل والخارج، مما يعزز من قدرتها على تقديم برامج تعليمية وبحثية متقدمة تلبي احتياجات السوق وتدعم التنمية الوطنية
لذا فمن الأهمية بمكان لكي تحافظ جامعة قطر على مكانتها في التصنيف العالمي، ولكي تستمر في تطوير قدراتها لابد لها من وضع أفكار مبتكرة ومتطورة لإدارة مواردها وتعزيز قدراتها
هذا النهج يتطلب التفكير الإبداعي والشفافية في اختيار قيادات ذات كفاءة عالية
وقد كانت رؤية الإدارات السابقة لجامعة قطر لا تنحصر بالتقطير وإنما كانت تركز على اختيار المسؤولين المناسبين لوضعهم في المناصب الحساسة، حتى وإن لم تبن كل التعيينات بالضرورة على الاختيار الصحيح، فلربما كان هناك قصور ما
وقد ينطبق هذا على الإدارة الجديدة للجامعة التي منذ ان تولت المسؤولية وهي ترفع شعار التقطير في كل الاجتماعات، مع أن بعض التعيينات التي أعلنت عنها لا تزال بعيدة عن الشعار الذي تنادي به، حيث إن إحدى الكليات المهمة والتي لها دور كبير في رفد المخرجات، ما زالت تحت قيادة غير قطرية في حين أنها تزخر بالكفاءات القطرية. كما أن بعض الأقسام الحيوية في عدد من الكليات ما زالت اداراتها غير قطرية، فكلية الآداب والعلوم على سبيل المثال لا الحصر بها 10 اقسام و3 مراكز في مختلف القطاعات، فقط قسم واحد يرأسه قطري من الـ 13 وحدة ادارية، علما بأن أغلب الوحدات الادارية يتواجد بها أساتذة قطريون، الا اذا كانت الجامعة لا ترى انهم من ذوي الكفاءة، وهنا يتبادر الى ذهني سؤال.. لماذا قامت الجامعة بتعيينهم ان كان الامر كذلك؟
فأي شعار ترفعون؟ وعن أي تقطير تتحدثون؟