CHAIRMAN: DR. KHALID BIN THANI AL THANI
EDITOR-IN-CHIEF: DR. KHALID MUBARAK AL-SHAFI

Views /Editor-in-Chief

علمانية دول الخليج العربي

Dr. Khalid Al-Shafi

03 Aug 2017

بقلم د. خالد آل شافي - رئيس التحرير

بعد أن انكشفت الأقنعة وبان المستور واتضح للجميع التوجهات الخفية والتطلعات المشبوهة لدولة ما، لم يكن مستغربا هذا الهجوم الكبير والفبركات المعدة مسبقا والمتعددة ذات الأوجه المختلفة ضد قطر الحب والعطاء، وأن تحاول أن تسيء لها لما تميزت به من سمعة طيبة في المحافل الدولية وجهودها الكبيرة في حفر اسمها في أروقة السياسة العالمية.
قد نقول إن الحسد أعمى بصيرة وقلوب القائمين في هذه الدولة، لكن أن يكون ذلك بالفجور في الخصومة وتلفيق التهم وتزوير الواقع والقفز على الحقائق، فذلك ما لم يتوقعه أكثر المراقبين تشاؤما تجاه التوصل إلى حلول جذرية عاجلة للأزمة.
لقد تجاوزت الخلافات بهذه الدعوة المتطرفة إلى اعتماد العلمانية منهجا وطريقا لأهل الخليج من قالبها السياسي، لتصبح اختلافا على الهوية والعقيدة والمنهج الديني الذي لا تساوم عليه شعوب الخليج وكذلك الشعوب المسلمة بكل طوائفها وأعراقها.
لكن هذه الدعوة الغريبة على شعوب المنطقة تبدو منسجمة إلى حد كبير مع دعوة الحصار نفسها، ومن يخرج على ثوابت مجلس التعاون الخليجي ويعتمد القرصنة وتلفيق الأكاذيب سبيلا لتحقيق أهدافه ومراميه لن يجد صعوبة في الدعوة إلى العلمانية أو المطالبة بفصل الدين عن الدولة، أو حتى الدعوة المباشرة إلى التطبيع مع العدو الصهيوني والحوار مع الأعداء والتصالح معهم، بل وتغليب المصالح الخاصة على ثوابت الأمة ومواقفها الثابتة في التحرر والتقدم والنمو والازدهار.
إن الجهر والحديث عن مستقبل علماني ينتظر الأنظمة الخليجية خطط له للسنوات القادمة، وهي خطوة ستغضب شعوب الخليج والشعوب المسلمة بلا شك، لكنها ترضي الغرب وأتباعه وسوف تصفق لها إسرائيل طربا، لأنها ستضمن لها قيام مجتمعات استهلاكية لا قيمية تمثل سوقا رابحة دون أن تقف أمام حلم إسرائيل الكبير في التمدد من الفرات إلى النيل.
وبتحليل أهداف هذه الدعوة ومخططاتها وأهدافها في المستقبل نجد أنها تمثل تدخلا سافرا ومقيتا في شؤون الدول وحريتها وحقها في تحديد هويتها ومستقبلها، وينم هذا التدخل عن عدوانية وغرور سياسي سوف ينقلب على صاحبه.
النجاحات المحدودة التي حققتها هذه القوى بالمنطقة في سوريا ومصر وليبيا واليمن ومالي وغيرها قد أعمتها، مما جعلها ترى في نفسها تلك الدولة العظمى التي تؤمر فتطاع وتطلب فيستجاب لها. كما أن التصريحات التي انكشفت أخيرًا بعد السيطرة على بعض مراسلات أحد مسؤوليها تنم عن تبلور شرق أوسط جديد بقيادة هذه الدولة.

إن التطلعات نحو المستقبل ووضع الدول بصماتها في كل ما من شأنه تقدمها في التكنولوجيا والعلم لهو الهدف المنشود للخبراء وواضعي السياسة للدول، لكن المراهقة السياسية والقفز على قرارات الدول وتحديد مستقبلها يعد انتحارا في عالم السياسة الدولية.

تكررت هذه اللهجة والترحيب بالعلمانية، حيث قال أحد مسؤولي الإعلام في هذه الدولة: إن عليكم أن تختاروا إما داعش أو العلمانية. وكأن الأنظمة الحاكمة في دول الخليج أصبحت أمام خيارين فقط.. إما الإرهاب أو الخروج عن الدين الإسلامي. ألم يوجد من يقول لهؤلاء إلى أين أنتم سائرون؟.. هذا كلام خطير والواجب التصدي له بكل قوة وحزم، خاصة في منطقتنا الخليجية والتي تحكم أغلبها بالكتاب والسنة.
هناك من يقول إن الغرور يعمي أحيانا، ونحن نقول ونؤكد أن الغطرسة مقبرة أصحابها.
أين المملكة العربية السعودية حاملة لواء التوحيد من هذا كله؟ وأين علماؤها الذين أصبحوا يتحدثون بالسياسة ووجوب طاعة ولي الأمر؟ إلى أن نرى الردود المناسبة على أفكار وتوجهات تلك الدولة في المنطقة، نقول نحن في دولة قطر لم نغير ولن نغير ما لم نكن مقتنعين، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة. فنحن دولة نؤمن بحرية الشعوب وفي الوقت ذاته نؤكد على هويتنا الإسلامية السمحاء وتوجهاتنا الأخلاقية الثابتة.