Dr. Khalid Al-Shafi
تدور رحى الأيام وقطر الخير تسير بخطى واثقة نحو مستقبل وعالم أفضل يزهو بروح الابتكار والعطاء والنجاح، مضى 17 شهرا على حصار دولة قطر من قبل أربع دول، ثلاثة منها دول ما يسمى منظومة مجلس التعاون الخليجي والرابعة دولة عربية تحتضن مقر جامعة الدول العربية. وقد حاولوا وعملوا المستحيل لإخضاع قطر والسيطرة على قرارها السيادي ومقدراتها الوطنية، إلا أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً وما زالوا يفشلون في تحقيق ما كانوا يصبون إليه من تآمر وخداع وكذب وبهتان .
إن العمل التآمري لم يكن وليد الصدفة بل كان امتدادا لأعوام سبقت من النوايا المبيتة ضد قطر والتي لم تألُ جهداً في لم الشمل وتقديم الدعم لكل ما من شأنه رفعة ومكانة مجلس التعاون الخليجي في جميع المجالات.
وبالعودة الى الوراء قليلا نجد أن الحصار أصبح نعمة على قطر وأهلها وأصبحنا ولله الحمد نعيش وفق قناعاتنا ومصالحنا الوطنية العليا، وان محاولة إلصاق التهم جزافا على قطر لم تزدها إلا عزيمة وإصرارا ، وموقفا صلبا واضحا أمام العالم والذي ينظر إلى هذه الأزمة المفتعلة بنوع من الذهول وعدم التصديق .
العالم يشهد الآن ما يحدث لإحدى الدول التي تحاصر قطر وكيف تتلقى التهديدات بالعواقب، وكأنها تمر بالموقف الذي مررنا به في يونيو 2017 ، الظلم لا يدوم والكذب حبله قصير، إذ يقول أحد أقطابهم الإعلاميين في ظل الانتقادات الموجهة لبلده والتهديدات، «ان بلادنا لديها خيارات كثيرة وستكون مفتوحة ومنها إنشاء قاعدة روسية في تبوك وتغيير عملة بيع النفط إلى اليوان الصيني بالإضافة إلى إعادة العلاقات وبقوة مع إيران”.
ألم تكن إيران دولة إرهابية من منظورهم وقد كانت ضمن الاتهامات التي وجهت لقطر الخير. والله لا نشمت بهم ، بل نشمت بحال الأمة وكيف وصل بها الهوان إلى هذه الدرجة .
كل هذه التهديدات والوعيد لم تأتِ كما يعرف الجميع إلا بعد قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي ودخوله القنصلية السعودية في اسطنبول وعدم خروجه منها وحتى الآن (اكثر من اسبوعين) والحقيقة غائبة والتحقيقات على اشدها والتحليلات والتسريبات عن الأمن التركي تنصب حول مقتل خاشقجي داخل القنصلية وتقطيع جثمانه ، تتضارب المعلومات حول القضية وان اصبحت قاب قوسين او ادنى من إثبات القتل وذلك وفقا للمعطيات الحالية والتي يدور الحديث بشأنها حاليا في جميع الاروقة التركية والامريكية، والسعودية الى حد ما.
الصحفي جمال خاشقجي عرفته عن قرب وكان احد كتاب صحيفة البننسولا قبل الحصار على دولة قطر، لم ارى منه سوى دماثة الأخلاق وحسن المعاملة ، فقد كان أستاذا يتعلم منه الجميع العمل المهني والصحفي بشكل عام، وتابعته بعد الأزمة عندما خرج من السعودية، ولم أجد فيه معارضة للحكومة السعودية بل كان عندما يذكر الملك او ولي العهد السعودي ترى منه ذلك الاحترام دون أن يقلل من مكانتهما، واصبح من كتاب صحيفة الواشنطن بوست الامريكية والتي لا اعتقد بأن احد يشك في مكانة هذه الصحيفة ومصداقيتها ودورها الإعلامي الكبير حول العالم ، وكانت جل كتاباته تحتوي على النصح لولاة الأمر في السعودية بقلب نابض بالوطنية ، وكلمته المشهورة في اكثر من لقاء بأنه يريد ان يذهب إلى بيته بعد كتابة أي مقال ولا يريد الذهاب إلى السجن.
لا نريد الخوض كثيراً في شرح أبعاد وتوجهات الصحفي خاشقجي فليس موضوعنا هو الدفاع عنه، فتاريخه الصحفي هو الكفيل بالرد على المشككين في ولائه لبلده. ولكن اللحظة والموقف الآن في المنطقة وتطوراتها المتسارعة أصبح فتيله مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
نحن هنا في قطر نعتمد على الله ثم على أنفسنا في صناعة حاضرنا ومستقبلنا، ولم يعد أمر الحصار يشغل بالنا ولكننا في نفس الوقت نؤمن بأهمية الحفاظ على أمن المنطقة وكيفية النأي بها عن أية خلافات إقليمية يراد بها التفتيت، والذي مع الأسف الشديد يمهد الطريق له عددا من أصحاب المصالح وتجار الحروب، لا نتمنى إلا الخير للجميع في المنطقة والتي تتطلب من الكل التكاتف والتضامن لمواجهة جميع الأخطار المحدقة بها، حفظ الله قطر أميراً وشعباً وحماها من كل مكروه.